المنهج التحليلي في البحث هو الأكثر استخداماً على الإطلاق، فهب أنك قارئ تريد معرفة تفاصيل التفاصيل، فبالطبع سيتجه فكرك نحو وجود التحليل المتكامل للمعلومات لتأخذ كفايتك من تلك المعرفة.
وهذا بالضبط ما يطبقه المنهج التحليلي في البحث، وبما أنه الأكثر استخداماً فلابد من تحليل هذا المنهج بذاته لنعرف تفاصيله ونخوض في ما وراءه.
تعريف المنهج التحليلي
توحي كلمة التحليل إلى معنى التفصيل الدقيق والشرح الوافي الكثير.
وكلمة المنهج تعني الطريقة أو الأسلوب.
وبهذا يكون المنهج التحليلي لغوياً هو (أسلوب التفصيل الدقيق).
واصطلاحياً يعرف البحث التحليلي في البحث بأنه منهج رئيسي من مناهج البحث العلمي ينبني على شرح المعلومات شرحاً وافياً للوصول إلى النتائج المتعلقة بموضوع الدراسة، ويكون هذا الشرح شامل على التجزئة والتفسير للدلالات والحيثيات المراد معرفة طبيعة تكوينها وما ترمي إليه.
ويرتبط بمفهوم المنهج التحليلي العديد من المصطلحات الأخرى التي من أهمها:
موضوع الدراسة: ويسمى أيضاً بمشكلة الدراسة ويقصد به الشيء الرئيسي الذي يتناوله الباحث في بحثه، على سبيل المثال تناول البحث لمشكلة الزيادة الطلابية في الفصول.
التجزئة: ويقصد بها تقسيم البحث إلى أجزاء يكون كل جزء منها منفرد بخصائص ومعلومات ومعاني خاصة، على سبيل المثال الحديث في جزء من البحث عن سبب واحد من مسببات المشكلة.
الدلالات: وهي المعاني التي تحملها المعلومات وتكون بحاجة إلى الكشف عنها من خلال تحليلها الشامل.
خطوات تنفيذ المنهج التحليلي
أن نقول أن هناك خطوات فعلية لاستخدام المنهج التحليلي في البحث فهذا أمر ليس دقيقاً، ولكن الدقيق أن نقول خطوات اجتهادية من خلال الخبرة في التعامل مع هذا المنهج، وهذه الخطوات هي:
- إتمام تحديد موضوع الدراسة وما يرتبط به من جوانب.
- تحديد المتطلبات المراد الوصول إليها من خلال البحث.
- استخدام أدوات الدراسة لجمع البيانات من أفراد العينة.
- و كذلك تحديد الاقتباسات الداخلة في البحث.
- بعد إتمام جمع المعلومات وتقسيمها يبدأ لاستخدام الفعلي للمنهج التحليلي، وذلك بالإمساك بالمعلومات وتفسيرها بشكل دقيق للدخول في ما وراء تفاصيلها، بالنقد والمقارنة والشرح والتفسير العميق.
- كل عمليات التحليل يتم صياغتها وفقاً لأسلوب الباحث الخاص، لنصل في النهاية إلى طرح متكامل من المعلومات يؤهل لتحديد النتائج والاستنتاجات.
عمليات تنفيذية في المنهج التحليلي
استخدام المنهج التحليلي في البحث يندرج تحته العديد من العمليات التي تكون محتواه، وهذه العمليات عديدة ولكن بعضها يكون وجه رئيسي للمنهج التحليلي والتي سنوردها فيما يلي من نقاط:
- الشرح: وهي عملية تبسيط المعلومات وإيصال مفهومها الكامل للقارئ.
- التفسير: العماد الأساسي الذي يقوم عليها المنهج التحليلي في البحث. ويكون التفسير في التعليل والشرح المستفيض والوصول إلى ما وراء المعلومات من مسببات وآثار وما إلى ذلك من أمور. يصل فيها الباحث لاستخلاص البراهين والحقائق.
- الاستنتاج: المعلومات عندما يتم تفسيرها وشرحها تخرج لنا بمعلومات جديدة، وهذه المعلومات الجديدة هي الاستنتاجات والتي تنبني في الأساس على طبيعة فهم الباحث للمعلومات التي يكتبها ومحدداتها المختلفة.
- التعليق: من خلال التحليل يصل الباحث ليضع رأيه الشخصي على المعلومات التي تم جمعها. وذلك في إطار زيادة التفسير لهذه المعلومات وتبسيطها للقارئ.
- المقارنة: غالباً ما تنبني المقارنة في المنهج التحليلي على مقارنة الآراء بعضها ببعض. ومقارنة الدراسات السابقة مع مضمون البحث الحالي.
- التساؤل: فرض الأسئلة يتطلب الوصول إلى إجاباتها، وهذه الاجابات تمثل تحليلات عديدة الزوايا، على سبيل المثال فرض الباحث عدة أسئلة متعلقة بموضوع الكثافة السكانية مثل (ما سبب زيادة الكثافة السكانية؟).(لماذا لا يشعر المجتمع بخطورة الكثافة السكانية؟) (هل يمكن التغلب على الكثافة السكانية؟). فكل سؤال من هذه الأسئلة يتطلب التحليل العميق للوصول إلى الإجابة المتكاملة الخاصة به.
خصائص المنهاج التحليلي
يمتلك المنهج التحليلي في البحث عدة خصائص تجعل له صبغة خاصة عن باقي المناهج العلمية الأخرى، ومجمل هذه الخصائص تكون مشتقة من طريقة استخدام هذا المنهج والوظائف التي يقوم بتنفيذها، وفيما يلي يتضح هذا المقصد:
- أهم خاصية في المنهج التحليلي في البحث أنه يخوض في غمار التفاصيل الدقيقة للمعلومات. ولهذا نجد أن يعتمد على التفسير والشرح والنقد بشكل رئيسي.
- يكون مجموع عدد الكلمات في المنهج التحليلي أكبر من غيره، وذلك لأن هذا المنهج يتطلب الشروحات الوافية التي تأخذ حيز من المساحة.
- الإجابة عن السؤال ( لماذا ؟) يعتبر سمة قوية من سمات المنهج التحليلي.
- من خصائص ما يعرف بالاستكمال، حيث كثيراً ما نجد المعلومة قد تم صياغتها كما هي، ولكن المعنى لم يتضح بعد، ومن خلال المنهج التحليل يتم الوصول للمعنى المطلوب إيصاله بالضبط.
- خاصية التفاعلية تعبر بشكل جيد عن هذا المنهج، فالباحث الماهر يقوم بوضع الشروحات التحليلية في سياق من المشاركة مع القارئ، على سبيل المثال يكتب الباحث أثناء الشرح ( ويمكنك الرجوع مرة أخرى إلى الفقرة السابقة وقراءة المعطيات لتتأكد لتربط النتيجة التي توصلنا إليها سابقاً بهذه النتيجة).
- من المعروف أن المنهج التحليلي يهتم بشكل رئيسي في الكشف عن الأسباب، وشرح الآثار، ولكن الكشف عن الأسباب يكون الأكثر سيطرة في هذا المنهج.
- يغلب على الطرح في هذا المنهج استخدام الفقرات الكاملة، التي قد يتجاوز عدد كلمات كل فقرة ال120 كلمة، ولكن لضبط الأمر فالأفضل ألا تزيد عدد كلمات الفقرة عن 150 كلمة.
- يتم التطرق للمصطلحات في هذا البحث كمسلمات فقط، وتستخدم في الوصول إلى التحليل الكامل.
- تعتمد نتائج هذا المنهج على الوصول لحقائق وبراهين تبين صحة المعلومات.
تفعيل أدوات الدراسة في المنهج التحليلي
من الوظائف التي يقوم بتنفيذها المنهج التحليلي في البحث هي تفعيل أدوات الدراسة. وإن كانت أدوات الدراسة تستخدم كوسيلة لجمع المعلومات من أفراد العينة. فإن المنهج التحليلي يتعامل معها كوسيلة لجمع المادة الخام التي سيتم تحليلها.
بمعنى أن المنهج التحليلي يعتمد على أدوات الدراسة في جمع المعلومات الداخلة في التحليل، ولكن هذه المعلومات غالباً ما يتم دمجها مع معلومات أخرى مثل الاقتباسات من المصادر والمراجع للوصول إلى التحليل المتكامل المنطقي.
وبالنسبة للنتائج الخاصة بتحليل المعلومات المجمعة من أفراد العينة فإنها تعتمد بشكل كبير على نتائج التحليل الإحصائي.
وبالمناسبة لا تعتبر عملية التحليل الإحصائي كجزء أساسي من المنهج التحليلي. كونها عملية تعتمد على فك بعض القواعد الحسابية فقط، ويمكن للتحليل الإحصائي أن يدخل في أي منهج آخر. ولكن يرتبط التحليل الإحصائي بالمنهج التحليلي في أن المنهج التحليلي يقوم بالبحث في الأسباب التي أوصلت إلى نتائج التحليل الإحصائي.
مميزات المنهاج التحليلي
يعكس المنهج التحليلي في البحث العديد من المميزات التي تجعله بالفعل الأكثر استخداماً من بين المناهج الأخرى، وأهم هذه المميزات ما يلي:
- يتميز في أنه يعطي توضيحات متكاملة الأركان للمعلومات الموجودة في البحث، و بالتالي يكون الطرح المعلوماتي متكامل ويجيب عن كافة الأسئلة التي قد تثار في ذهن القارئ.
- من مميزاته أنه يتفاعل مع المحددات المختلفة مثل الفرضيات والمتغيرات والدراسات السابقة ومصطلحات الدراسة وغيرها.
- يعتمد على المنطقية في التحليل والوصول إلى البراهين المثبتة علمياً.
- يوضح موضوع الدراسة من زوايا عديدة، ويأخذ كل زاوية على أنها كيان منفرد يلزمه الشرح والتفسير.
- يتميز هذا المنهج في تركه مساحة وافية للباحث ليضع رأيه تجاه المعلومات والمحددات. فالتحليل يتطلب رأي الباحث وفقاً لفهمه للمعلومات الموجودة بين يديه وتصوراته الذهنية المبنية على الحقائق.
- يخرج نتائج دقيقة، وكثير من الأبحاث التي تستخدم هذا المنهج تخلص في النهاية لمعلومات جديدة وحصرية.
- يتقبل المرونة في الطرح ويتفاعل مع المناهج العلمية الأخرى.
عيوب هذا المنهج
يوجد بعض ما يؤخذ على المنهج التحليلي في البحث. ولكن هذه المآخذ لا تعني بأي حال من الأحوال أن هذا المنهج غير فعال. بل نوردها لأجل أن ينتبه لها الباحث عند استخدامه لهذا المنهج. وهذه العيوب هي:
- يتطلب المنهج التحليلي وجود معلومات كثيرة لكي ينبني عليها التحليل. ولا يكفي الوصول إلى التحليل الكامل وجود نوع واحد من المعلومات. بل لابد من وجود الأنواع المتعارضة والمختلفة لتحليلها مجتمعة والوصول إلى النتائج الصحيحة.
- النظرة المستقبلية في المنهج التحليلي تعتبر قاصرة بعض الشيء. ولهذا نجد اختلاف في طبيعة النتائج مع مرور الزمن في الدراسات المستخدمة للمنهج التحليلي حال تغير الظروف.
- ينحصر المنهج التحليلي بالزمان والمكان، و بالتالي لا يمكن تعميم نتائجه، على سبيل المثال في دراسة مشكلة انتشار الأمراض، لابد أن تتوفر الأطر الزمانية والمكانية كأن يتم تحديد الشهور وتحديد المنطقة الجغرافية.
- لأجل الوصول إلى النتائج الصحيحة بالاعتماد على المنهج التحليلي في البحث، لابد أن تكون أصل المعلومات الداخلة في التحليل صحيحة، ولهذا يلزم الباحث التأكد من صحة المعلومات قبل تحليلها.
ماذا عن جمع المنهاج التحليلي بالمناهج الأخرى في نفس البحث؟
من المعروف أن هناك البحث الواحد يحتمل وجود أكثر من منهج في سياق نظم معلوماته. والمنهج التحليلي في البحث مناسب للجمع مع كافة المناهج الأخرى. ولكن هناك بعض المناهج التي يكون فيها الجمع مع المنهج التحليلي أكثر مناسبة وقوة وهي:
أولاً: المنهج الوصفي: يعمد المنهج الوصفي على وصف المعلومات كما هي على أرض الواقع فقط. ومن ثم تأتي مهمة المنهج التحليلي بتفسير وشرح تلك المعلومات. وأغلب الأبحاث التي يستخدم فيها المنهج الوصفي يتم استخدام المنهج التحليلي معها.
ثانياً: المنهج التاريخي: الوقائع التاريخية أو التسلسل الزمني الذي يعرضه المنهاج التاريخي يلزمه التحليل والتفسير والشرح وهذا ما يقوم به المنهاج التحليلي.
ثالثاً: المنهاج الاستنباطي: الاستنباط كلمة تعني الاستنتاج، ونتيجة من نتائج المنهج التحليلي يكون الاستنتاج للمعلومات. ولكن في الجمع بين هذين المنهجين. لابد من التميز بين نتائج المنهج التحليلي نفسها التي تخلص إلى الاستنتاج. وبين آلية عمل المنهج الاستنباطي الذي يخلص لمعلومات جديدة تتطلب التحليل.
رابعاً: المنهج التجريبي: يعرض المنهاج التجريبي آلية تنفيذ التجربة بالمدخلات والعمليات والمخرجات. وتأتي مهمة المنهاج التحليلي بتفسير مجريات وأسباب ونتائج تلك التجارب.
الخاتمة
في خاتمة هذا المقال الذي استعرضنا فيها جوانب مهمة خاصة بالمنهج التحليل في البحث. نرى أن وجوب التنويه على أن كافة المجالات بلا استثناء يكون المنهج التحليل مناسب لها. ولكن المجالات الأكثر استخداماً لهذا المنهج هي المجال الطبي والمجال التربوي والاجتماعي. حيث يلزمها الخوض فيما وراء المعلومة لمعرفة الطرح المتكامل.
وكذلك وجب التنويه إلى وجوب ضوابط لعمل هذا المنهج من أهمها التأكد من صحة المعلومات قبل اجراء التحليل عليها. وكذلك من الضروري التسلسل المنطقي في عرض المعلومات. ليصبح كامل المضمون مترابط.
نقدم لك خدمات خاصة في تحديد واستخدام المناهج العلمية فتفضل بزيارتنا من هنا
فيديو توضيحي